عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، جدّ النبي وزعيم قريش في الجاهلية وأحد سادات العرب ومقدميهم.
اسمه شـيبة، وقد سمي بذلك ـ كما قيل ـ لأنه كان في رأسه لما ولد شيبة، ويكنى أبا الحارث وأمه سلمى بنت عمرو بن زيد الخزرجية النجارية
من يثرب (المدينة).

ولد شيبة في المدينة، وعاش مرحلة طفولته الأولى فيها، ويقال إنه مكث بالمدينة إلى أن بلغ السابعة من عمره حتى أتى به عمه «المطلب»، ودخل مكة، ولزم صحبته، فقيل له: عبد المطلب، ونشأ في مكة بقية حياته،كان عاقلاً ذا أناة ونجدة، فصيح اللسان، حاضر القلب، أحبَّه قومه، ورفعوا من شأنه،وشَرُفَ فيهم شرفاً لم ينله أحد من آبائه، وولي السِّقاية والرِّفادة بعد وفاة عمه «المطلب» فأقامها للناس ولقومه ما كان آباؤه يقيمون مثله لقومهم من أمرهم، حفر
زمزم بعد أن طمرتها «جُرْهُم» عندما سيطروا على مكة، ويذكر كتَّاب السِّير: أنَّه حفرها برؤية صادقة مكررة، وكأنَّها إلهام من الله تعالى، ألهمه ـ سبحانه وتعالى ـلصفاء نفسه وإشراق روحه. ويذكرون ـ أيضاً ـ أنه لم يكن لـه عند حفر زمزم إلا ولد واحد هو «الحارث»، فلما لقي من قريش ما لقي من العنت آنذاك، نذر لئن وُلَدَ له عشرة من البنين، وبلغوا معه حتى يمنعوه لينحرَّن أحدهم عند الكعبة لله، فلما بلغوا عشرة، وعرف أنهم سيمنعونه، أخبرهم بنذره، فأطاعوا،فاتجه بكل قوته إلى الوفاء بالنذر، فجمعهم وأراد القرعة بينهم، فدخل بهم في جوف الكعبة، وأمرهم أن يأخذ كل واحد منهم ورقة، ويكتب فيها اسمه، وبعد أن كتبوا أسماءهم وضع اسم كل واحد منهم في قدح، وأمر خبيراً في القداح أن يسهم بينهم،فسـاهم فكان القدح على عبد الله ابنه وأبي محمد النبي عليه الصلاة والسلام، ومع أن عبد الله كان أحب بنيه إليه، أخذ الشفرة يحدها ليذبحه غير أن الأمر هال قريشاً وإخوته، فجاؤوا إليه مسرعين وقالوا له: لا تذبحه أبداً حتى تعذر (أي تبدي العذر عن
النذر) لئن فعلت هذا، لايزال الرجل منا يأتي بابنه حتى يذبحه فما بقاء الناس على هذا! وطلبوا منه أن ينطلق إلى كاهنة وعرافة في أرض الحجاز، فانطلقوا إليها،فأشارت عليهم بأَنْ يقدموا الدية وهي عشر من الإبل، ويقرع بينها وبين الذبيح. فإن كانت القرعة عليه، زادوا في الإبل حتى تكون القرعة عليها، فلما أجمعوا لذلك، قام عبد المطلب يدعو الله، ثم قرَّبوا عبد الله وعشراً من الإبل، فخرجت القداح على عبد الله، فزادوا عشراً، فخرجت القداح على عبد الله، فما برحوا يزيدون عشراً حتى بلغت الإبل مئة، ثم ضربوا فخرجت القداح على الإبل، فقالت قريش: قد انتهى الأمر، ورضي ربُّك بالفداء يا عبد المطلب، ولكن عبد المطلب يريد أن يستوثق من الرِّضا بالفداء،فذكر الرواة أنه ضرب مرة ثانية وثالثة، والقدح يخرج على الإبل، فنحرت الإبل،وتُرِكَتْ للناس لايصد ولايمنع أحد

وكان عبد المطلب قوي الجنان، رابط الجأش، لايضطرب ولايضعف عند المفاجأة، ومما يدل على ذلك أنه ذهب إلى لقاء أبرهة ملك الحبشة وقائد جيشهم ومعه الرهبة والطغيان، وقد كان قد استاق إبلاً لأهل مكة ومن بينها إبل عبد
المطلب، فلما حدث اللقاء، قال عبد المطلب لترجمان أبرهة: حاجتي إلى الملك أن يردَّ عليَّ مئتي بعير أصابها لي، فلما قال لـه ذلك، قال أبرهة لترجمانه: قل لـه كنت أعجبتني حين رأيتك ثم زهدت فيك حين كلّمتني، أتكلمني في مائتي بعير قد أصبتها لك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، ولاتكلمني فيه؟ قال له عبد المطلب:
إني أنا ربُّ الإبل، وإن للبيت ربَّاً يحميه ويمنعه ذلك هو الجد القريب الذي تربى النبي في كنفه، والذي رأى فيه أول ما رأى عزَّة الرجال، وحكمة الشيوخ وعطف الأبوة التي استعاض بها عن أبيه الذي لم تكتحل عيناه برؤيته، وقد حباه عبد المطلب بالعطف، فكان ينسبه إلى نفسه مباشرة، فلايقول ابن عبد الله، ولكن يقول: ابني. وعندما أحس بالموت يقترب منه أوصى أبا طالب بحفظ الرسول وحياطته، وقد اختصه بهذه الوصية، وقد قام أبوطالب بحقها.